الاصطدام مع مجرة المرأة المسلسلة (أندروميدا)
بسبب ظاهرة الانزياح نحو الأحمر يعلم الفلكيون الآن أن جميع المجرات تبتعد عنا بشكل دائم وذلك بسبب نظرية توسع الكون. لكن هناك استثناء يحدث في مجموعتنا المحلية مثل مجرة المرأة المسلسلة (أندروميدا) الهائلة (المعروفة بـ”م31″)، فهي تتجه نحونا بسرعة تبلغ 300 كيلومتر/الثانية (تم اكتشاف ذلك بواسطة ظاهرة الانزياح نحو الأزرق). تبعد عنا الآن نحو 2.6 مليون سنة ضوئية وبعد 4 مليارات سنة تقريباً قد تصطدم بمجرتنا، وقد تنشأ منهما مجرة أكبر عظيمة. والسؤال الآن ماذا يحدث للأرض عن هذا الالتقاء والتلاحم ؟ وأغلب الظن أنه لن يحدث كثيرا للأرض بسبب أن المسافات بين النحوم سواء في مجرتنا أم في مجرة أندروميدا عظيمة جدا جدا بحيث يكون احتمال تصادم نجمين صغيرا جدا جدا، اللهم أن حدث وانزاحت المجموعة الشمسية وأصبحت بالقرب من قلب المجرة أو بالقرب من قلب مجرة أندروميدا فتكون معرضة لإشعاعات شديدة فتاكة تصعب معها الحياة على الأرض. ما يهدد الأرض أثناء ذلك الحين وهو الشيئ الأكيد أن الشمس ستتطور لكي تصبح عملاق أحمرا خلال 4 – 5 مليار سنة قادمة. سيتمد الغلاف الشمسي الخفيف حتي يصل نصف قطرها إلى مدار المريخ. قبل حدوث ذلك سترتفع درجة الحرارة على الأرض ارتفاعا يجفف المحيطات ولا تصلح الحياة على الأرض.
رتب المجرات
تمثيل أجرته ناسا لاتقاء مجرتين بزاوية معينة. وسيكون الناتج مجرة ليست مستوية.
يبدوا أن البنية الكونية تميزها رتب معينة من البنيات الصغيرة إلى البنيات الكبيرة. فابتداء وجدت المجرات ، ثم تكون من بعضها مجموعة مجرية، وهذه ترتبط ببعضها البعض مكونة عناقيد مجرية أكبر، وتجمع بعضا منها فيما يسمى العناقيد العظمى Super cluster.
كان الغاز الأولي من الهيدروجين والهيليوم المادة الأولي التي تكونت منها النجوم والمجرات. وكون هذا الغاز المجرات الأولية بعد الانفجار العظيم. وتعتبر المجرات الأولية التي نشأ من هذا الغاز عن طريق الجاذبية (وهي قوى تصل إلى حدود مالانهاية وتعتمد على الكتلة)، فتأثيرها لا ينتهى عند حد ولكن تأثيرها يضعف بزيادة المسافة)، ولم تكن نجوم قد نشأت فيها في ذلك الطور . وبدأ تطور تجمعات المجرات بتوزيع متساوي للغاز فيها مع تركيز جزء منه في قلب مجرة.
ومن مجرات قزمة عديدة تكونت بالالتحام مجرات كبيرة. وتبعت بعض تلك المجرات الكبيرة ومن مثلها مجرتنا مجرات قزمة صغيرة (تتبعنا مجرة ماجلان الكبرىوسحابة ماجلان الصغرى على بعد نحو 150 ألف سنة ضوئية من مجرتنا). وبقي جزء من الغاز موزعا بين المجرات وكذلك بعض المجرات الصغيرة متناثرة. ونستطيع اليوم رصد العديد من تلك المجرات القزمة حولنا، وهي رغم قربها منا فضؤها خافت وضعيف.
يكون شكل المجرات اقزمة عادة غير منتظما. وفي الرتبة التالية نجد مجرات أكبر من نوع مجرة ضلعية. وينشأ الضلع في المجرة من قوى المد والجزر ومن خلال اختلافات في شدة التأثيرات الجاذبية. تتطور المجرة الضلعية بعد ذلك مع الوقت إلى مجرة حلزونية. ويصبح الضلع في المجرة في صورة حوصلة مجرة قد تكون قرصية أو كرية الشكل. وتدور كل مجرة من نوع المجرة الضلعية أو مجرة حلزونية حول محورها وتتخذ شكلها من أفلاك النجوم فيها وتتسطح مع الزمن. والسبب في دوران النجوم في أفلاك حول حوصلة مجرة حلزونية أو قرصية يرجع إلى انكماش سحابة الغاز الأولية ونشأة دوامات فيه أو من التحام مجرات قزمة. في تلك المجرات الكبيرة يتوحد زخم الحركة في حركة دورانية منتظمة.
من الوسائل المستخدمة في التحليل النظري لتطور المجرات طرق المحاكاة بالحسابات الحاسوبية على أساس أن القوة المسيطرة هي قوة الجاذبية بين المجرات. وتبين تلك الحسابات أن الأغلبية من المجرات التي نشاهدها ينشأ من توحد مجرتين حلزونيتين غنيتين بالغاز، وينتج عنها مجرة إهليلجية (بيضوية). لا تتحرك النجوم في المجرة الإهليلجية بيضوية في مستوي واحد، وإنما تتحرك في أفلاك في شكل القطع الناقص وفي مستويات مختلفة. ويمكن تفسير الشكل البيضوي للمجرة الإهليلجية بالتقاء مجرتين قرصيتين مستويتين بزاوية (أنظر الصورة)، فينتج من هذا الالتقاء مجرة أكبر لا يسودها مستوي معين واضح.
مراحل اصطدام مجرتين والتحامهما
يستغرق التحام المجرات بين مئات الملايين من السنين إلى 5و1 مليار سنة، وتستغرق مرحلة التهدئة والاستقرار مدة أطول من ذلك كثيرا. في البدء تقترب مجرتان من بعضهنا البعض وتبدآن الدوران حول مركز ثقلهما. وهنا تلعب حجم وكتلة كل مجرة بالنسبة إلى الأخرى دورا هاما، وعلى الأخص كتلة حوصلة كل منهما وهي مناطق تكثر فيها النجوم. في نفس الوقت تتقارب المجرتين أثناء دورانهم من بعضهما. وفي أغلب الأحوال تتخل مجرة المجرة الأخرى مرات عديدة قبل أن يتم التحامهما ببعضهما. بذلك تفقد كل مجرة شكلها الأساسي ويستبدل انتماء بعض الغازات والنجوم بين المجرتين. ويقع على عاتق قوى الجاذبية الإبقاء على المجرتين متشابكتين و إلا تم انفصالهما عن بعضهما ثانيا. وقد تنفصل المجرتان مباشرة بعد التقائهما الالتقاء الأول.
-
- محاكاة اقتراب مجرتين من بعضهما
-
مرحلة الاقتراب : يبين الشكل على اليمين مرحلة اقتراب مجرتتين قرصيتين. وباعتبار سرعة الاقتراب أقل من 100 كيلومتر في الثانية. ولكن توجد تقاربات قد تصل السرعة النسبية لحوصلتي المجرتين إلى 3000 كيلومتر/ثانية. وعند الاقتراب تتغير أشكال البنية الداخلية لكل من المجرتين وقد تنشأ بينهما في تلك المرحلة استبدال لجزء من الغاز والنجوم عبر ما يشبه القنطرة.
- مرحلة الاصطدام : وتمثلها الشكل الوسطي. والصورة تبين تلامس طرفي المجرتين ولا تلتقي حوصلتي المجرتين. ويتغير شكل المجرتين ويتبادلا جزءا من مادتيهما. وتعمل قوي المد والجزر كل مجرة على المنطقة القريبة لها من المجرة الأخرى، فتنتشر على الناحية البعيدة لكل منهما أذرعة بفعل قوي المد والجزر (أنظر الصورة اليمني).
- التبادل التجاذبي : تبين الصورة اليسرى تغير شكلي المجرتين في الداخل وفي الخارج، وقد يحدث انزياح لمناطق غنية بالمادة في كل منهما. ثم تبعد المجرتان عن بعضهما في سيولة، وقد تعمل الجاذبية الذاتية لكل منهما على نشأة أذرعة مجرية أو ضلع مجري. وهنا تأثر البنية الداخلية عل الشكل الناتج لكل منهما. وعند ابتعاد المجرتان عن بعضهما تحدث فترة تهدئة، ينتج عنها إما أن تلتقي المجرتان مرة تالية وينتج عنه التحامهما أو تفترق المجرتان عن بعضهما البعض بعد هذا اللقاء الأول.
- الالتحام : تتحرك المجرات بالنسبة لبعضهما البعض في حركة دائرية تصغر خلالها المسافة بينهما مما يزيد من شدة اصطدام سحبها الغازية. ويتكون منها تجمع للغازات غي وسطها ويتضاغط ويتكون في السحابة الكبير نجوم. بذلك تكثر نشأة النجوم بطريقة نشطة Starburst. ويعمل نسأة النجوم المكثف وإطلاق طاقات كبيرة على تشتيت أجزاء من الغاز خارج المجرة المتكونة الكبيرة، ويبقى في المجرة عدد كبير من النجوم وقليل من الغاز. ونظرا لقلة الغاز في المجرة المتكونة الكبير فلا تنشأ فيها نجوم جديدة وتبقى نجومها القديمة المعمرة التي تكونت أثناء الالتحام. عند التحام مجرات كبيرة تنشأ غالبا مجرة إهليلجية. وعندما نرصد المجرات الإهليلجية اليوم نجد أنها تحتوي على نجوم قديمة معمرة ذات أعمار متقاربة. أما في مجرات أخرى فنجد نجوما ذات أعمار متفاوتة وكذلك نجدها تحوي كثير من الغاز.
مشهد مثير لتصادم وتلاحم مجرتين كما صوره مرقب هابل الفضائي.وكالة ناسا