الشخصية في علم النفس
ظهر علم النفس الحديث في القرن التاسع عشر بصورة مستقلة عن الدراسات الفلسفية، إلا أن دراسة شخصية الإنسان كانت في ذلك الوقت تراكماً للعديد من الدراسات على مر العصور، حيث بدأت دراسة الشخصية في اليونان على يد أبقراط ومن بعده جالينوس، اللذين رأيا أن الشخصية مزيج من أربعة عناصر جسدية هي المرارة الصفراء، والمرارة السوداء، والبلغم، والدم.
تطورت التعريفات للشخصية الإنسانية في أوروبا في العصور الوسطى وعصر النهضة، فكانت الشخصية في تلك الفترة تعبر عن انعكاسات الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الإنسان، مثل الأسرة، والعمل، وعلاقات القرابة وغيرها، إلى أن جاء سيغموند فرويد وقام ببحث الشخصية بأسلوب منهجي ليكون مؤسس دراسة الشخصية الحديثة.
تعريف الشخصية
تعددت تعريفات الشخصية في علم النفس بحسب المدارس المختلفة، بالإضافة إلى عامل التطور العلمي الذي أضاف إلى تلك التعريفات الكثير من المعلومات حول طبيعة عمل المخ، فقد عرّف فرويد الشخصية بأنها الصراع بين الأنا العليا، والأنا، والأنا السفلى.
في القرن العشرين تم اعتبار عوامل الوراثة والمجتمع والبيئة من أهم مكونات الشخصية، ليستقر التعريف بحسب أغلب المدارس الحديثة على أنه مجموعة الصفات الجسمانية، والنفسية الموروثة، والمكتسبة، وأنماط العادات والتقاليد، والقيم، والمشاعر، في تفاعل فيما بينها لتظهر من خلال التعاملات الاجتماعية. لكل فرد طبيعة شخصية فريدة تظهر منذ الطفولة وتتطور مع التقدم في العمر واكتساب الخبرات.
مكونات الشخصية
يتفق علماء النفس على عدة عوامل أساسية تكوّن الشخصية، أولها العوامل البدنية التي تؤثر في الحالة المزاجية على المدى الطويل، وتتمثل في بنية الجسم، ودرجة الصحة الحركية من حيث وجود إعاقة من عدمها، وحالة الجهاز العصبي، والغدد الصماء، والإصابة بأمراض مزمنة.
تليها العوامل العقلية والمزاجية، التي تنقسم إلى القدرات العقلية الأساسية المتصلة باستعدادات الفرد للإدراك والقدرة على التفكير، والتعلم، والتخيل، أي كل العمليات العقلية التي تكوّن المعرفة والخبرات الأساسية أو ما يمكن أن يسمى بالذكاء، والنواحي المزاجية الانفاعلية من حيث قوتها، أو سرعة الاستجابة، والاستثارة، وبطئها، وكذلك الدوافع الغريزية الأساسية.
العاملان الآخران هما البيئة والنسق الأخلاقي للفرد، فالبيئة هي العوامل الخارجية الطبيعية، والاجتماعية كالعادات والتقاليد، وظروف الأسرة كوجود الآباء وطبيعة العلاقة بالأبناء، وطبيعة الدراسة، والعلاقة بالمدرسين الذين يمثلون عاملاً أساسياً في تربية الفرد.
أما النسق الأخلاقي فيمثل الميول والعادات الفردية التي تنتج عن المدخلات التي يكتسبها الفرد من البيئة المحيطة، والنسق الأخلاقي هو أكثر مكونات الشخصية تغيراً وقابلية للتطور.